إعادة التدوير: فرصة عمل مستدامة

لقد نشأت وترعرعت في بلدة صغيرة تقع في كندا وتدعى نوفا سكوشا، وفي أثناء تعليمي الإبتدائي كان هناك تركيزٌ كبيرٌ على إعادة تدوير المواد، لم أكن أدرك وقتها معنى ذلك فكل ما كنت أراه هو صناديق بألوان مختلفة فالأصفر للمواد الورقية والأخضر للنفايات والأزرق للمواد البلاستيكية والزجاج.

 

أذكر حينها عندما قامت المدرسة في إحدى المرات بعقد مسابقة يكسب فيها من يتمكن من تدوير معظم المواد 50 دولاراً، وكطالب في عمر التاسعة فإن ال50 دولاراً تعادل الملايين.

وفي كندا، تم فرض ضريبة على زجاجات البلاستيك والزجاج فعلى سبيل المثال، إذا قمت بشراء علبة مشروب غازي ب 1.50 دولاراً عليك إضافة 10% من سعر العلبة لتصبح 1.65 دولاراً ولكن الحكومة قدمت للمواطن فرصة استعادة الضريبة الخاصة به وذلك في حال تمكنه من إعادة تدوير العلبة قبل نقلها إلى مستودع إعادة التدوير. وقد أصبح مثل هذا الأمر يشكل دخلاً رئيسياً للعديد من المواطنين ونتيجة لذلك تم إنشاء مستودعات لإعادة تدوير المواد لخدمة المجتمع ومن ثم إرسال المواد المدوّرة إلى الشركات الأصلية المصنعة.

 

إذا، كصبي في التاسعة من العمر لقد كنت حريصاً جداً على الحصول على ال 50 دولاراً ولذلك اتجهت مسرعاً إلى منزلي لأبدأ التدوير وفي خلال أسبوع واحد قمت بجمع ثمانية أكياس بألوان مختلفة تزن حوالي ستون كيلوغراماً وفي نهاية المطاف فزت بالمسابقة وحصلت على الجائزة.

 

الآن، عندما أفكر بما حصل معي قبل 20 عاماً أدرك بأن الدرس الذي تعلمته ذو قيمة عالية جداً ولذلك طلبت من عائلتي وأقاربي التفكير جيداً قبل أن يتخلصوا من أي شيء.

 

أتسائل الآن، لما لا نقوم بفرض برامج لإعادة تدوير المواد وتبنيها في سن مبكرة؟ فالتعليم في هذا السن يعد بمثابة تعزيز ودعم للأجيال القادمة ولن يضر أبداً إن قمنا بوضع صناديق لإعادة التدوير في جميع أنحاء مدارسنا وجامعاتنا وعلمنا أبنائنا أهمية التدوير في حياتنا. هناك العديد من شركات التصنيع في مملكتنا تقبل النفايات الورقية بل وأحياناً تدفع المال للحصول عليها. وكما يبدو لي، فإن المحافظة على النظافة والاعتناء بالبيئة ليس فقط من أجل الصحة وإنما هو جزء من ديننا وعلينا أن نكون مثالاً مميزاً يُقتدى به وليس العكس.

 

هناك مثال آخر قدمته الحكومة الكندية للحصول على بيئة خضراء ونظيفة، حين قامت برفع الضرائب عن السيارات التي تعمل على الكهرباء وذلك من أجل تخفيف استهلاك الوقود وبالتالي بيئة نظيفة. هذه المبادرات قادتني إلى زيادة القوانين الحكومية التي تفرض المبادرات الخضراء في جميع المستويات التعليمية ومن خلال سوق العمل. كما يجب على الشركات أن تقدم تقاريراً سنوية عن مبادراتها الخضراء والتي يمكن ربطها بالحوافز الضريبية وخاصةً مع الشركات الدولية الكبيرة.

 

إليكم فكرة سريعة بإمكاننا تبنيها في السعودية هي بأن علب المشروبات الغازية تحوي غطاءً علينا رميه مباشرةً بعد فتح العلبة بينما تحوي علب المشروبات الغازية الكندية أغطية تبقى ملتصقة في العلبة بعد فتحها وبالتالي فإن مثل هذا التغيير البسيط يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً، ليس فقط على البيئة وإنما سيوفر كثيراً في مجال الإنتاج.

 

أنا أرى بأنه على رجال الأعمال الشباب الطموحين اتخاذ هذه الفكرة العظيمة كفرصة عمل مستدامة كما عليهم النظر في إنشاء نموذج للأعمال يخدم المجتمع ويعود عليهم بالدخل الجيد.

 

 
باختصار، اللون الأخضر ليس لوناً للمال فقط وإنما هو لون الطبيعة.
 

أضف تعليقك